كتبت: نجلاء طه
هناك بعض الأشخاص الداخلين في علاقاتٍ غير شرعية وعندما يواجههم أحد بمدى سوء ما هم عليه يحاولون الخروج من المأزق عن طريق القول بوجود نية الزواج.
بدايةً.. أريد أن أقول أن جملة “زواج عن حب” تحتمل معنيان متضادان..
من الممكن أن يشعر شاب بالإعجاب تجاه فتاة – ولكن يكتم مشاعره بداخل قلبه ثم يصل إليها – أخيراً – بالحلال، ويكون ذلك زواج عن حب.
ولكن المعنى الأكثر شيوعاً وانتشاراً بين الناس هو المعنى السيء الآخر.. وهو أن يرتبط الطرفان ببعضهما ويغدقان مشاعر الحب الرومانسية ويعيشان مع بعضهما في الحب لشهور.. ثم سنوات.
وهذا محرم؛ ودليل التحريم:
١- قال تعالى:”قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ” [النور:30-31].
فإذا كانت مجرد النظرة فيها مشكلة، فكيف يكون الحال مع التركيز والتدقيق على محاسن الوجه والجسد، والغزل، واللمس، والتقارب الجسدي. (وأكثر من ذلك).
وهناك من يقول أن الارتباط يمكن أن يكون محترماً، وأخلاقياً عن طريق الحديث باحترام، وعدم حدوث التجاوزات.
فأقول له: أليس دينك يأمرك بالحديث عند الضرورة فقط؟ إذاً هذا أكبر دليل على أن كلام الحب بحد ذاته يُعد تجاوزاً.
وإذا ما سألته السؤال الشهير: هل ترضى ذلك لأختك؟ سيحاول أن يتهرب، إلى أن يعترف: “أختي محترمة ولا يمكن أن تفعل ذلك؛ فأنا أثق في أخلاقها” إذاً هو لا يرى محبوبته خلوقة!.
هو يراها درجة أقل من أهل بيته، ويمارس معها كلام الحب (هذا إذا لم يصل الأمر إلى ما هو أشد من الكلام) فقط إرضاءاً لشعوره بأنه مرغوب فيه، وأن هناك من تعلّق به.
وكثير من الشباب الفاسد يقوم بتهديد الفتاة بمحادثات أو بصور إذا لم تستجيب لرغباته.
وكثير من الفتيات تغرق في دوامة لا نهاية لها ثم ينكسر قلبها .. فقط لأنها لم تحافظ عليه من البداية.
وكثير من الفتيات ترسل صوراً منافية للحياء إلى محبوبها؛ فقط لتشعر أنها هي أيضاً مرغوب فيها؛ وتتلقي الكلام الذي يعزز ثقتها بنفسها عن طريق مدح محاسنها وجسدها.
٢- وقال تعالى: “فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ” [الأحزاب:32].
للتأكيد على أهمية الالتزام بعدم الخضوع بالقول (والخضوع بالقول هو أساس علاقات الحب أصلاً). +
٣- – وقال تعالى: “وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ” [سورة الأحزاب 33].
للتأكيد على أهمية الزي الشرعي، فلا تظهر المرأة مفاتنها؛ لأن الرجل يتأثر بشدة بها وتُحيي شهوته:
٤- – كما قال صلى الله عليه وسلم: “ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء”. رواه البخاري.
وقد جاء تحريم العلاقات؛ للمحافظة على أخلاق الناس فلا يتورطون في كبائر ومعاصٍ يصعُب الخروج منها. إذا تم الخروج منها تتم الخسارة أولاً بغضب الله عليهم نتيجة كل ما عاشوه، ثم الخسارة الدنيوية إما بفقدان الثقة في الناس، أو بانكسار القلب، أو بضياع الحياء.
ومن أسباب التحريم:
١- هذه العلاقات غالباً ما تفشل، وتنتهي بانكسار قلب أحد الطرفين، أو كلاهما.
٢- أن من يتعجل ويفعل أمر محرم يُعاقب بالحرمان من لذته الحقيقية الحلال؛ فاستهلاك المشاعر قبل وقتها المناسب يجعلها تفسد وتضيع .. فعندما يحين وقت الزواج لا يجد الإنسان ما يقدمه لشريكه.
٣- أن بعض العلاقات تصل إلى جر*يمة/كَبيرة الز*نا؛ فيفقدان أخلاقهما وشرفهما.. ثم يتم الحمل وإما أن تجهض المرأة فتكون بذلك ارتكبت جر*يمة/كَبيرة جديدة وهي القتـ*ـل. وإما أن تلد الطفل ثم تقوم بإلقائه في القمامة وإما يموت من الجوع، وإما أن يتعرض للخطف يتم بيعه والإتجار به؛ فيعيش حياة مرعبة، مأساوية، بعكس حياة جميع الأطفال الذين عاشوا في أحضان ودفء الأسرة!
والأسباب كثيرة.. لمن يتأمل في خطورة العلاقات المحرمة.
وهناك من يدعم فكرة نشر الحب وتحفيزه داخل قلوب الشباب… وهذه مشكلة فادحة من عدة وجوه..
نعم يجب أن نحفز المتزوجين عن طريق الدورات، والمقالات، ليستمتعا بحياة جميلة وحب سعيد في ظل طاعة الله .. إنما عندما نحفز شاب أعزب على الحب ونضخم أفكار الرومانسية بداخله (كما في الأفلام مثلاً) ذلك بجانب كمية المفاسد الموجودة في كل مكان من تبرج، وخضوع بالقول، وصور فاسقات متعريات .. فهل كل ذلك سيساعده أن يعيش حباً مُرضياً لله؟ هو أصلاً غير متزوج!.
إذاً سيتجه إلى العلاقات المحرمة. وتدور الدائرة!
وكل الأوامر التي نتلقاها من الله هي – في الأساس – للمحافظة علينا وحمايتنا.. فإذا قررنا خوض التجارب المحرمة لأجل هوىً في النفس.. ثم نلقي عبء النتائج السيئة على الطرف الآخر.. نكون بذلك محاولين الخروج من مشكلة إلى مشكلة أخرى وهي:
“عدم الاعتراف بالخطأ”
لا أقول أننا نحمّل أنفسنا الخطأ بأكمله ونتغاضى عن مساوئ الطرف الآخر .. فقط أقول أننا علينا عدم التغاضي عن أخطائنا؛ لأن الاعتراف بالخطأ أمام النفس، ثم معالجته.. هو أول طريق للاستقامة.
وبالاستقامة نضمنُ الصلاح!.